ماهي علامات ليلة القدر،منّ الله على المسلمين بتفضيل بعض الأوقات على غيرها وبدعوتهم فيها للتقرّب منه والتزلّف إليه، تهذيبا لنفوسهم، وتطهيرا لقلوبهم؛ فيبقى العبد طاهر القلب نقي النفس، فينال أعظم غاية، رضى الله والفوز بمحبته، كما جاء عن عبد الله بن عمرو، قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب، صدوق اللسان»، قالوا: صدوق اللسان، نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: «هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غلّ، ولا حسد .
ولهذه الغاية العظمى، جعل الله في كل وقت فرصة زيادة تقرب من عباده إليه، فآخر الليل هو خير اليوم، ويوم الجمعة خير أيام الأسبوع، وفي السنة جعل شهر رمضان خير الشهور؛ فمن صامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وفي العمر كله حج بيته، فمن حج فلم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه، وفي رمضان جعل خيره آخره، وجعل فيه خير الليالي على الإطلاق وهي ليلة القدر، هذه الليلة الفريدة هي أفضل الليالي في العام كله على الإطلاق، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1 – 3]؛
إنها ليلة الفُرقان والغفران والتوبة والرحمة والبركة والعِتق من النار، وليلة سلام للمؤمنين من كل خوف. إنها ليلة هي أعظم الليالي قدرا ومنزلة عند الخالق جل في علاه. ليلة القدر التي أًنزل فيها القرآن من اللوح المحفوظ إلى مكان في سماء الأرض يسمى بيت العزة، ثم من بيت العزة صار ينزل به جبريل على سيدنا رسول الله -صلوات ربي وسلامه عليه- متفرقا بالقياس للحوادث والمسببات، وأول ما نزل منه كان في غد ليلة القدر 5 آيات من سورة العلق. ولا تحصى فضائل ليلة القدر، بدءا بنزول القرآن، ووصولا لما جاء في فضل قيام تلك الليلة وما فيها من بركة ورحمة ومغفرة وأجر عظيم، وقد وزن ربنا تبارك وتعالى تلك الليلة بألف شهر في ثوابها وفضلها ومكانتها وعظيم وقعها في حياة المؤمنين.